لم تكن الجزيرة العربية (السعودية واليمن ودول الخليج العربي) بمعزل عما
طرأ من تحديث، في فنون الأدب العربي من تجديد وتطوير في العصر الحديث، فما
ان صدرت أول رواية في الأدب العربي على يد الأديب المصري الدكتور محمد
حسين هيكل عام (1914) والتي جاءت بعنوان (زينب) وذلك إذا استثنينا محاولات
سليم البستاني وزينب فواز ومحمد المويلحي وفرح انطوان وجرجي زيدان، حتى
تجاوب لهذا الفن الوليد مركز الثقافة العربية، وخرجت جملة من الأعمال
الروائية، وامتد هذا التجاوب إلى دول الجزيرة العربية، رغم سيادة الشعر
وسيطرته على المشهد الثقافي في تلك الحقبة، وكون الرواية من غربي المولد
والنشأة، إلا أن رواد التجديد في الأدب الحديث في هذه الدول لم يقفوا أمام
هذا الفن الجديد (الرواية) موقف الرفض لهذا الجنس الأدبي، بل تفاعلوا مع
الرواية وسجلوا حضوراً كبيراً لهم، وذلك بصدور أعمال روائية خالدة· وان
كانت هذه البدايات الروائية غير مكتملة للشروط الفنية في بنائها للرواية
وهذه لعمري ديدن البدايات· فهذا الأديب والصحفي عبدالقدوس الانصاري يسجل
بروايته (التوأمان) الصادرة في دمشق عام 1330م ريادته لهذا الفن في
الجزيرة العربية، ولم تكن اليمن بمنأى عن هذا الفن إذ يعد الأديب محمد علي
إبراهيم لقمان أول من أصدر رواية في اليمن عام 1939م وحملت عنوان (سعيد)
إلا أن صوت الرواية في دول الخليج العربي قد جاء متأخراً بعض الوقت فرواية
(مدرسة من المرقاب) الصادرة عام 1962م للكاتب عبدالله خلف تعد أول عمل
روائي في دولة الكويت، ويحقق الكاتب العماني خلدون الصبيح قصب السبق بصدور
أول رواية عمانية تحمل عنوان (الكتابة من الداخل) وذلك عام 1975م وبعد عام
من تاريخ هذا الصدور يؤلف الشيخ راشد بن عبدالله النعيمي الرواية الاولى
في الامارات العربية المتحدة وقد وسمها عنوان (شاهندة) بينما جاءت أول
رواية بمملكة البحرين حاملة عنوان (الحدوة) عام 1980م للكاتب محمد
عبدالله، وتأتي القطرية دلال خليفة معلنة صدور أول رواية قطرية عام 1993م
وجاءت بعنوان (اسطورة الانسان والبحيرة)·والمتأمل للمشهد الثقافي المحلي
يلمس مدى تنامي الفن الروائي وارتباطه بالتحولات الاجتماعية التي ساهمت
بتصاعد وتيرة النشر حيث لم تقف كتابة الرواية على أرباب السرد الذين قطعوا
اشواطاً كبيرة في كتابة الروايات كعصام خوقير وإبراهيم الناصر وأمل شطا
ورجاء عالم وعبده خال ويوسف المحيميد، بل جذب بريق الرواية كوكبة من
الشعراء أمثال غازي القصيبي وعلي الرميني، وإبراهيم شجي وعبدالله ثابت،
كما أغرى بريق الرواية كتاباً ومفكرين وسياسيين وشعراء شعبيين وفنانين
تشكيليين حتى غدا هذا الفن مغامرة مستباحة يمكن لكل من أراد ان يسجل
حضوراً إعلامياً أن يجترحها لأن قوامها تجارب عاطفية ساذجة والنزوع إلى
كشف المستور بلغة هابطة تخاطب الغرائز، فهل يستطيع هذا الملتقى ان يحد من
هذا الهدر الروائي الذي بات خطراً على هذا الجنس الفني الجميل ويبقى
مرتبطاً بالاصوات الروائية المتميزة التي طالما أتحفتنا بروائعها قبل أن
يمتهن هذا الفن ويبقى صوتاً للشذوذ وللفكر المراهقة·· آمل ذلك