مقاومة سي الصادق مارس 1860م.
- تقديم :
الشيخ الصادق بن الحاج من مواليد سنة 1791م بالقصر موطن عرش أولاد أيوب ( سيدي مصمودي بلدية مزيرعة من ولاية بسكرة حاليا ) ، و قد أطلقت السلطات الفرنسية على أبناء و أحفاد الشيخ لقب تيبرمسين نسبة إلى قرية ثامرماست ، نشأ في بيئة جبلية قاسية وفي أحضان أسرة متدينة حيث حفظ القرآن الكريم في مسقط رأسه ، ثم ارتحل إلى زاوية علي بن عمر بطولقة لتلقي علوم الدين و الاستزادة في المعرفة ... و بعد رجوعه إلى بلدته أسس أول زاوية في الأوراس وهي التي قصدها المريدون من التل و بقاع الصحراء والأوراس، و قد لعبت هذه الزاوية دورا بارزا في إلهاب الحماس لإشعال فتيل الثورة ضد الاستعمار الفرنسي ، فهي زاوية رافضة لتواجده ، و كان الشيخ سي الصادق منذ صغره يرفض الاتصال بالفرنسيين أو التعامل معهم ، كما أن والده سي إبراهيم قد ساعده على الدعاية لصالح أفكاره و مبادئه.. كما كان للزاوية دورها الثقافي المتميّز في نشر المعرفة و الوعي في أوساط الجماهير مع تأمين المأوى و الإطعام لكل الوافدين عليها بغية الحصول على العلم مجانا.
- المقاومة و الجهاد:
برزت البذور الأولى لمقاومته المحتل بعد احتلال مدينة بسكرة في 04 مارس 1844 بقيادة الدوق دومال ، ولشعوره بخطر احتلال كل المنطقة فيما بعد أرسل ولده سي إبراهيم على رأس المقاومين للمشاركة في المعركة بقيادة الشيخ محمد الصغير بن عبد الرحمان خليفة الأمير عبد القادر على منطقة الزيبان ، و تمت مواجهة العدّو في مدينة مشونش يوم 15 مارس 1844 حتى أرغم على التقهقر و الرجوع إلى مركز بسكرة ، كما كان للشيخ دورا حاسما في رد قوات الاحتلال في محاولة السيطرة على منطقة جبال أحمر خذّو من 4 إلى 8 جوان سنة 1845 ، و عند اندلاع ثورة الزعاطشة بقيادة الشيخ بوزيان كان للشيخ سي الصادق اتصالات به لتنظيم الصفوف و تنسيق الجهود قصد العمل على تحرير بسكرة وواحة الزعاطشة كما كان لأتباعه دورهم المشهود يوم 17 سبتمبر 1849 في معركة سريانة قرب سيدي عقبة أين تم القضاء على القائد العسكري الفرنسي الرائد سان جرمان.
بدأت المعركة يوم 13 جانفي سنة 1859 بمشاركة الشيخ سي الصادق نفسه مع بعض من أولاده بجانب المقاومين ، و لعدم تكافؤ القوتين في العتاد و السلاح الناري المتقدم فضل الانسحاب من المعركة ليلا ، والاتجاه إلى تونس ، غير أن القوات الفرنسية تابعته و ألقت القبض عليه وعلى أفراد عائلته وأتباعه الذين بلغ عددهم 88 شخصا يوم 20 جانفي سنة 1859م.
- الإجراءات الإنتقامية الاستدمارية :
قامت القوات الاستدمارية كعادتها بالانتقام من الثوار المجاهدين فدمرت قرية القصر عن آخرها و تركتها أثرا بعد عين ، كما قامت بتهديم مقر الزاوية و احرقت كل ما كان فيها من مصاحف و كتب التراث و مخطوطات
و قدّمت الشيخ و افراد عائلته و المجاهدين أمام المحكمة العسكرية بقسنطينة يوم 26 أوت 1859 ، و بعد المحاكمة نقلوا عن طريق البحر من ميناء سكيكدة إلى الجزائر العاصمة ، وسجنوا بالحراش ، و نفي ابنه سي إبراهيم إلى كورسيكا ، أما ابنه سي الطاهر فقد نقل إلى سجن معسكر ومنه إلى المغرب ، كما نفي ابنه الغزالي إلى مدينة شرشال و بها توفي سنة 1248 هـ .
- وفاته:
مرض الشيخ سي الصادق بن الحاج في السجن ، ولم يقم المستدمرين الفرنسيين بتقديم أي مساعدة طبية له ، فتدهورت حالته الصحية و أزدادت سوءا بسبب ظروف السجن المزرية، لبى ان وافته المنية في صبيحة يوم من أيام سنة 1860 م و نقلت جنازته من الجزائر العاصمة ليدفن جثمانه في مقبرة أسلافه بالقصر رحمه الله رحمة واسعة .